خرجت مراراً مع هذا الرجل !! بقلم م علي السيار


بعد الشروق انطلقت بسيارتي أنا وهو وسرنا علي الطريق الدولي السريع .. وقفنا علي الكوبري العالي .. البحر والمدينة من خلفنا .. والبحيرة أمامنا في شبه جزيرة .. مراكب الصيادين الصغيرة تملأ المكان .. الصيادون انطلقوا .. الشمس تغطي المكان بلون شعاعها الذهبي الخلاب وقف يحكي نفس حكاياته القديمة .. نفس بطولاته القديمة .. نفس غزواته القديمة


خمسين مرة حكاها .. خمسين مرة استمعت لها بكل إنصات كأني اسمعها أول مرة .. بل نفس الاستفسارات .. نفس التعليقات .. نفس القفشات .. كان يعرف إنه حكاها لي.. وكان يعرف أنني أحبه وهو يحكيها .


.ثم تحركنا وليطمئن علي سير العمل , عرجنا علي مزرعته بسرعة .. ثم عزمته في فندق المدينة أنا وهو .. كانن صوت أمواج البحر وهي تتلاطم وتتكسر علي الشاطئ يدوي في المكان .. لكن كان صوته أعلي وأوضح .. كان يحب السمك الكبير المشوي مع السلطات ..


فرغنا قال .. الشاي في البيت ..


أخذته من الطريق الخلفي للمصيف .. ضحك وقال لي إلي أين تذهب بي ؟؟ قلت له أحب أن يضيع الطرق مني وأنا معك .. أحب أن نتوه سوياً .. ضحك بأسنانه الصناعية الصغيرة الجميلة ناصعة البياض .. ضمني إلي صدره فقد كنت أحب هذه الضمة .. لقد عشت فيها ألف مرة .. كان يضمني بقوة حتى وأنا صغير..نظرت الي وجهه .. صاحب الثمانين عاماً مازال وجهه الأشقر محمراً يتدفق دماً لا يحتاج إلي عصاه ما زال يشرف علي مزرعته بنفسه. و مازال يجهز إفطاره بنفسه !!. مازال يقوم الليل من الثانية صباحاً حتى صلاة الفجر.. ماذا يفصل بين المنازعات ..ما زال يملا المكان عطاء وكرما


قال لي .. يا بني اعلم أنك تركت ـهلك يسافرون إلي القاهرة وجلست معي لتثبت وتبرهن أنني مهم في حياتك .. أعرف ذلك يا بني .. يا بني قلبي عنك راضٍ .. ربي عنك راضٍ ...


قلت له يا أبي أنت لست الأهم في حياتي ثم سكت برهه أنظر إلي وجهه فلم يتغير بل زاد إشراقا وثقة فابتسمت قلت بل حياتي ليس فيها غيرك.
كان سريع الدمع مرهف الحس .. قال لي: لو قالوا لي من بعد الرسول والصحابة لقلت هو أنت .. قلت له وماذا فعلت يا أبي ؟؟ لم أفعل شيء !!
ما زالت الدموع في عينه الخضراء التي مالت إلي الزرقا ... مازال العطاء يتدفق .. ضممته أنا بنفس.الطريقة التي يضمني بها أحسست أنه ابني.... قال لي: علي قلت له: نعم .. أنا ابنك؟
يااا الله لم أعد أري الطريق من الدموع بكيت بكيت وبكيت قلت له أنت سيدي وأبي وأستاذي أنت سبب وجودي سر نجاحي سر سعادتي وصاحب الفضل علي وقفنا نبكي كالأطفال•
الله عليك يا أبي .. جبل من الحب والعطاء والوفاء.... بـقلم المهندس: علي السيار

2 التعليقات:

غير معرف يقول...

أكرمك الله يا حاج علي ، وكما كنت بارا بوالديك، ربنا يرزقك بر أبنائك لك

غير معرف يقول...

فعلا معاني طيبة ان يكون الانسان علي علاقة صداقة واخوة بوالديه اما ان تتطور العلاقة لان يصل الابن للدرجة التي يحس فيها الاب ان الابن يقوم براعيته حتي اصبح هو الابن والابن هو الاب ...وهذا ماسمعته من الشيخ الشعراوي رحمه الله انهم في الارياف ينادون محمد خالد مثلا بابو خالد ..لان محمد سوف يقوم برعايته خالد حينما يكبر الوالد ... ما أحوجنا للتأمل والتطبيق...