المنتخب المصري واللعب في القدس - فهمي هويدي

المنتخب المصري واللعب في القدس - فهمي هويدي
دعوة مريبة ومباراة مشينة بقلم فهمي هويدي
http://islamngamil.blogspot.com/2010/03/blog-post_14.html



ما زلت غير مصدق أن المنتخب المصري سوف يذهب إلى القدس لكي يشترك في مباراة ودية مع المنتخب الوطني الفلسطيني. ولم أفهم حتى الآن سر استدراج المنتخب المصري إلى ذلك الفخ الفضائحي. الذي قد يمثل صفحة مشينة وسوداء في تاريخ الرياضة المصرية. ولا أعرف كيف انطلت ذريعة مساندة الشعب الفلسطيني بهذه المباراة على المسؤولين في الاتحاد المصري لكرة القدم، الذين لابد أنهم يقرأون الصحف التي تنقل إلينا كل صباح أخبار الجرائم التي ترتكبها "إسرائيل" في القدس والضفة الغربية وغزة. ذلك أن "إسرائيل" حين تستمر في طرد الفلسطينيين من بيوتهم لتهويد القدس، وفي توسيع المستوطنات واقتحام المسجد الأقصى، وسرقة الآثار الإسلامية، وحين تستمر في احتجاز 11 ألف سجين فلسطيني، وفي محاصرة قطاع غزة. وفي ذات الوقت تواصل تجريف أراضي الفلسطينيين واعتقال شبابهم وتصفية القيادات الفلسطينية. حين تقدم "إسرائيل" على ذلك كله، فإن زيارة المنتخب المصري لكرة القدم تصبح أكبر دعم لسياستها. وأكبر دعاية لصالحها أمام العالم الخارجي، الذي لن يرى في هذه الحالة جرائمها، ولكنه سيرى نجوم المنتخب المصري الذين حازوا شهرة عالمية مقدرة بعد فوزهم بكأس إفريقيا للمرة الثالثة، وهم يلعبون على أرضها، تحت حراسة الجنود الإسرائيليين ووسط ترحيب وحفاوة الفلسطينيين.


لا أتصور أن يساق نجوم المنتخب المصري لكي يدخلوا من البوابة الإسرائيلية وتحمل جوازات سفرهم أختاماً إسرائيلية ثم يقيموا في ذات المدينة التي يمحى فيها كل أثر للعرب والمسلمين، في حين يستعد المتطرفون المهيمنون لبناء ما يسمونه هيكل سليمان على أنقاض المسجد الأقصى. وكيف تستريح ضمائرهم وهم يشاهدون في بعض شوارعها العائلات الفلسطينية التي طردت من بيوتها، فشردت مجدداً، ولم تجد سوى الأرصفة مأوى لها. ثم يقال: إن زيارة المنتخب بمثابة مساندة معلنة للشعب الفلسطيني.


إن نجم الكرة المصري محمد أبو تريكة حين أبرز لافتة «الحرية لغزة» في إحدى المباريات، فإنه اختار تعبيرا نبيلاً عن مساندة الفلسطينيين المحاصرين، وإذا ما أعلن نجوم المنتخب الآن أنهم يرفضون الذهاب إلى "إسرائيل" الغاصبة، وأنهم لن يدخلوا إلى القدس إلا حين يستعيد الفلسطينيون حريتهم، ولن يصلوا في المسجد الأقصى وهو لا يزال تحت الأسر، فإن ذلك من جانبهم يعد أكبر دعم للشعب الفلسطيني. أما ذهابهم إلى القدس في الظروف الراهنة بالذات فإنه يعد طعنة للشعب الفلسطيني، بل جريمة أخلاقية وسياسية بحق ذلك الشعب.


لقد علمت من الدكتور باسم نعيم وزير الشباب والرياضة في قطاع غزة أن أكثر من دعوة وجهت إلى اتحاد كرة القدم المصري لملاقاة الفرق الرياضية الفلسطينية، بما يمكن أن يعد دعماً حقيقياً للفلسطينيين الذين يحاصرهم الاحتلال. ولأن هؤلاء كانوا سيذهبون من خلال المعبر المصري الفلسطيني دون الحاجة إلى تأشيرات الاحتلال، فإن ذلك كان سيجنب الفريق وصمة الختم الإسرائيلي على جوازات سفر اللاعبين. ولكن هذه الدعوات كانت تقابل بالاعتذار من الجانب المصري بحجة الانقسام الفلسطيني وعدم الرغبة في دعم فريق ضد آخر. وهي حجة قبلوها على مضض. إلا أن فكرة المباراة بين الفريقين المصري والفلسطيني في القدس تمثل انحيازاً حقيقياً أفدح وأخطر، لأنها في هذه الحالة تقام لصالح الإسرائيليين ضد الفلسطينيين.


إننا إذا أخرجنا من المعادلة ذريعة دعوة المنتخب المصري لمساندة الشعب الفلسطيني، فقد نجد مصالح أخرى أصغر تبرز في الأفق. منها ما يتردد عن حرص بعض المسؤولين في اتحاد كرة القدم المصري على كسب ثقة مسؤولي الاتحاد الدولي الذين يهمهم الاعتراف ب"إسرائيل" والتطبيع معها. منها أيضاً أن في الطرف الفلسطيني عناصر متحمسة للتطبيع، وقد قام أحدهم قبل حين بترتيب مباراة في إسبانيا بين فريق من الشبيبة الفلسطينية وبين فريق آخر إسرائيلي لكرة القدم. أيا كان الأمر. فالدعوة مريبة والهدف منها ليس بريئاً بأي حال، وأخشى ما أخشاه أن تكون الضحية في نهاية المطاف هي سمعة ورصيد الاحترام الذي يحظى به المنتخب القومي المصري ــ لذا لزم التنويه.


نقلا عن صحيفة الشرق القطرية

0 التعليقات: